الأحد، 8 أكتوبر 2017

ثقافة البازين



     ونحن طلبة بجامعة الزاوية ( قسم الدراسات العليا ) بمرحلة الماجستير ، كان يحاضرنا الدكتور الشاعر العراقي مجيد عبد الحميد ناجي ، وهو شاعر كبير من النجف في مادة ( كتاب قديم ــــ وكان الكتاب المقرر منهاج البلغاء وسراج الأدباء ) لحازم القرطاجني ، وهو كتاب معقد غاية التعقيد حاكى به مؤلفه القرطاجني كتاب الشعر لأرسطو ، فكان الدكتور ــــ وكلما شعر بضيقنا وضجرنا من المادة ــــ يلتمس لنا قليلاً من الطرائف الشعرية والنثرية ، ومنها قصيدة له في البازين قالها بمناسبة عودة الدكتور بلقاسم اخماج رئيس قسم الدراسات العليا في تلك الفترة ( وهو شاعر كبير أيضاً ) قالها عند عودته من الحج ، وذلك عندما رأى الدكتور مجيد قِصاع البازين والكُسكسي توضع أمام الوافدين ، فقال :
وجاءت وفودُ الضاد تَركُضُ للحَجِّي
 
كما تركضُ الباصاتُ في شَارع القُرجي
  
أتينا إليه مسرعين وكلنا
 
عيونٌ وقد فكَ الرِباطَ عنِ الخُرجِ
  
أتينا بِشعرٍ ليس يَبلُغُ شأوهُ
 
جَريرٌ ولا يَسمو بِغايتِهِ العُرجي
  
ومَدَّ قِصَاعاَ قد تَضوع رِيحها
 
تضَوعُ ريحُ الغيدِ في سَاحةِ المَرجِ
  
ومِن بينها كأن البازينُ كأنه
 
قِبابٌ تَسامت فوق سَاريةِ البُرجِ
  
فأسرعَ قَومي نَحوها بإكفهم
 
فما بين دَعصٍ للبازينةِ أو طَعج
  
وقال الدكتور الشاعر معقباً بعد إلقائه القصيدة بأنه محب لتلك الأكلة الليبية العريقة ومعجب بها ، وألقى باللوم على طلاب الدراسات العليا والباحثين الاجتماعيين لعدم البحث والدراسة في تلك الأكلة التراثية وعدم تحرك مشاعر الشعراء ناحيتها بالقول المنظوم ، فوقفت مسأذناً لإلقاء قصيدة كانت مصادفة بحوزتي تفند دعواه ، عنونتها بالتراث المتجدد أقول فيها : إلى كلِ من يعشقُ التراثَ ، ويتذوقُ البازينَ ( انتظروها قريباً جداً ) .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق