ونحن طلبة بجامعة الزاوية ( قسم الدراسات
العليا ) بمرحلة الماجستير ، كان يحاضرنا الدكتور الشاعر العراقي مجيد عبد
الحميد ناجي ، وهو شاعر كبير من النجف في مادة ( كتاب قديم ــــ وكان
الكتاب المقرر منهاج البلغاء وسراج الأدباء ) لحازم القرطاجني ، وهو كتاب
معقد غاية التعقيد حاكى به مؤلفه القرطاجني كتاب الشعر لأرسطو ، فكان الدكتور ــــ
وكلما شعر بضيقنا وضجرنا من المادة ــــ يلتمس لنا قليلاً من الطرائف الشعرية
والنثرية ، ومنها قصيدة له في البازين قالها بمناسبة عودة الدكتور بلقاسم اخماج
رئيس قسم الدراسات العليا في تلك الفترة ( وهو شاعر كبير أيضاً ) قالها
عند عودته من الحج ، وذلك عندما رأى الدكتور مجيد قِصاع البازين والكُسكسي توضع
أمام الوافدين ، فقال :
وجاءت
وفودُ الضاد تَركُضُ للحَجِّي
|
كما تركضُ الباصاتُ
في شَارع القُرجي
|
أتينا
إليه مسرعين وكلنا
|
عيونٌ وقد فكَ
الرِباطَ عنِ الخُرجِ
|
أتينا
بِشعرٍ ليس يَبلُغُ شأوهُ
|
جَريرٌ ولا يَسمو
بِغايتِهِ العُرجي
|
ومَدَّ
قِصَاعاَ قد تَضوع رِيحها
|
تضَوعُ ريحُ الغيدِ
في سَاحةِ المَرجِ
|
ومِن
بينها كأن البازينُ كأنه
|
قِبابٌ تَسامت فوق
سَاريةِ البُرجِ
|
فأسرعَ
قَومي نَحوها بإكفهم
|
فما بين دَعصٍ
للبازينةِ أو طَعج
|
وقال
الدكتور الشاعر معقباً بعد إلقائه القصيدة بأنه محب لتلك الأكلة الليبية العريقة
ومعجب بها ، وألقى باللوم على طلاب الدراسات العليا والباحثين الاجتماعيين لعدم
البحث والدراسة في تلك الأكلة التراثية وعدم تحرك مشاعر الشعراء ناحيتها بالقول
المنظوم ، فوقفت مسأذناً لإلقاء قصيدة كانت مصادفة بحوزتي تفند دعواه ، عنونتها
بالتراث المتجدد أقول فيها : إلى كلِ من يعشقُ التراثَ ، ويتذوقُ البازينَ ( انتظروها قريباً جداً )
.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق