الأحد، 8 أكتوبر 2017

قصيدة التراث المتجدد ( البازين )



قصيدة التراث المتجدد : إلى كلِ من يعشقُ التراثَ ، ويتذوقُ البازينَ  .
فن وتراث يسعدنا *** عطر وعبير رياحين
وتراث الأمم يحدثنا *** عن أجيال قبل قرون
رسمت بالفكر حضارتها *** نهضت بتراث وفنون
والبازين حضارة شعب *** وتراث من طول سنين
فليعذرني الناس إذا ما *** قلت قصيداً في البازين
فالبازين يعد طعاما *** وسلاحاً لليبيين
قد كان رفيق معاركهم *** ضد غزاة فاشيين
صنعوا نصرا بصداقته *** وجدوه لهم خير معين
صنعته طبخته فتاة *** بشذاها مثل النسرين
بالعفة قد وصفت وكذا *** بالعقل الراجح واللين
تأتي إليه وتحركه *** ما بين البرهة والحين
وبلمحة برق تتقنه *** كي يصبح زهوا للعين
بإدام المرق تسانده *** يخلط بعصير الليمون
بصحون العود تقدمه *** وغطاء الطبق المفتون
وبحد يمين تقطعه *** بنظام مثل السكين
ومع البطاطس تثرده *** كي يصبح مثل الفلين
بالكف برفق تلقمه *** بفم الولهان وباللين
يا من بالعيش تفاخرتم *** العيش طعام المسكين
العيش طعام عمالقة *** ما خافوا حرب مجانين
ادعوا ربي أن يحفظكم *** درعا وعماداً للدين
ادعوا ربي أن يحرسكم *** ويقيكم شر شياطين
انتشرت قصيدة ( البازين ) بين الزملاء في القسم ، وتناولوها بالشرح والتحليل والنقد ، حتى وصلت إلى يد الأستاذ الشاعر نوري المودي ــــ أمده الله بموفور الصحة والسعادة ــــ فرد عليها منتقداً لأكلة البازين ، وقد وصلني الرّد الذي يقول فيه شاعرنا المودي معلقاً على قصيدتي ( انتظروا رد الأستاذ الشاعر نوري المودي وردي على أبياته الشعرية في ليلة الغد إن كان في العمر بقية ) أسعد الله أيامكم  .

ثقافة البازين



     ونحن طلبة بجامعة الزاوية ( قسم الدراسات العليا ) بمرحلة الماجستير ، كان يحاضرنا الدكتور الشاعر العراقي مجيد عبد الحميد ناجي ، وهو شاعر كبير من النجف في مادة ( كتاب قديم ــــ وكان الكتاب المقرر منهاج البلغاء وسراج الأدباء ) لحازم القرطاجني ، وهو كتاب معقد غاية التعقيد حاكى به مؤلفه القرطاجني كتاب الشعر لأرسطو ، فكان الدكتور ــــ وكلما شعر بضيقنا وضجرنا من المادة ــــ يلتمس لنا قليلاً من الطرائف الشعرية والنثرية ، ومنها قصيدة له في البازين قالها بمناسبة عودة الدكتور بلقاسم اخماج رئيس قسم الدراسات العليا في تلك الفترة ( وهو شاعر كبير أيضاً ) قالها عند عودته من الحج ، وذلك عندما رأى الدكتور مجيد قِصاع البازين والكُسكسي توضع أمام الوافدين ، فقال :
وجاءت وفودُ الضاد تَركُضُ للحَجِّي
 
كما تركضُ الباصاتُ في شَارع القُرجي
  
أتينا إليه مسرعين وكلنا
 
عيونٌ وقد فكَ الرِباطَ عنِ الخُرجِ
  
أتينا بِشعرٍ ليس يَبلُغُ شأوهُ
 
جَريرٌ ولا يَسمو بِغايتِهِ العُرجي
  
ومَدَّ قِصَاعاَ قد تَضوع رِيحها
 
تضَوعُ ريحُ الغيدِ في سَاحةِ المَرجِ
  
ومِن بينها كأن البازينُ كأنه
 
قِبابٌ تَسامت فوق سَاريةِ البُرجِ
  
فأسرعَ قَومي نَحوها بإكفهم
 
فما بين دَعصٍ للبازينةِ أو طَعج
  
وقال الدكتور الشاعر معقباً بعد إلقائه القصيدة بأنه محب لتلك الأكلة الليبية العريقة ومعجب بها ، وألقى باللوم على طلاب الدراسات العليا والباحثين الاجتماعيين لعدم البحث والدراسة في تلك الأكلة التراثية وعدم تحرك مشاعر الشعراء ناحيتها بالقول المنظوم ، فوقفت مسأذناً لإلقاء قصيدة كانت مصادفة بحوزتي تفند دعواه ، عنونتها بالتراث المتجدد أقول فيها : إلى كلِ من يعشقُ التراثَ ، ويتذوقُ البازينَ ( انتظروها قريباً جداً ) .